الحمد لله والصلاة والسلام علي أشرف الأنبيا ء والمرسلين
أما بعد
حياتنا ووجودنا نعمة الله الأولي علي الإنسان ، فالحياة نعمة ، والله سبحانه وتعالي هو واهب الحياة وليست حياة الإنسان كحياة غيره من الأحياء
وإنما هي حياة متميزة ، وخلقه خلق منفرد ، يجعلنا نستشعر فضل الله عليها مما يوجب علينا حمده الدائم في كل حين
ونعم الله علي الإنسان لا تحصي ولا تعد ، ولكن يمكن أن نشير إلي مجموعة من الحقائق ، والتي تجمع بين البساطة والعمق
والتي توضح تكريم الله للإنسان في خلقه ، وذلك علي النحو التالي
********************************************************************
أولأ
يتميز الجسم الإنساني عن أجسام غيره من الكائنات الأخري ، بحسن الصورة وبديع الشكل وجمال التناسق ، إذأ مهما توهمنا عن إنسان أنه قبيح أو دميم فهو أجمل من كل كائنات الوجود
وفي ذلك يقول الله الخالق " الذي خلقك فسواك فعدلك " الإنفطار
ويقول الله تعالي " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " التين
فتلاحظ أن أعضاء الإنسان الظاهرة كالوجه ، أو المستترة خلف الملابس تحقق أهدافأ في مساعدة الإنسان في حياته وقضاء حوائجه لكنها أيضا توفر للإنسان شكلأ مقبولأ وجميلأ
فالعين مثلا وسيلة رؤية ولكنها ذات شكل جميل وأخاذ والرموش تحمي العين من الأتربة
لكن بدون الرموش تبدو العيون دميمة كما يبدور الوجه قبيحأ بدون العيون ، والحواجب أيضا تحمي العين من العرق الذي قد يتساقط عليهــا ، لكن تسهم في إعطــاء الوجه شكله الجميل
والأسنان وسيلة الإنسان لمضغ الطعام وهي أيضا من الوسائل التي تحافظ علي جمال الوجه
وهكذا كل أعضاء الإنسان
ثانيأ
الإنسان هو الكئن الوحيد الذي يمشي منتصب القامة مرفوع الرأس
بينما غيره من الكائنات يمشي مكبأ علي وجهه ، فالإنسان ينظر أمامه أو إلي الأعلي ، بينما يمشي غيره ناظرأ إلي أسفل
وهو أيضأ الكائن الوحيد الذي يتمكن من أن ينام علي ظهره مما يحقق له الراحة الكافية
ثالثـــأ
جعل الله بقدرته لكل إنسان صورة لا يشاركها فيها غيره
فمهما تشابه إثنان وتقاربت صورتهما فكل واحد منهما في النهاية مختلف عن غيره
ومهما كثر البشر " يتعدي عددهم الأن الستة مليارات نسمة " فلكل إنسان صورته الخاصة المميزة له
وهذا من رحمة الله بالإنسان ، إذ لو تشابه الناس لاختلط الأمر ت ولما استطاعوا التعامل فيما بينهم ولحدث حرج شديد بينهم في مختلف مجالات الحياة ولقد أثبت العلم أن هناك أسبابأ أخري للتمايز بين الناس مثل بصمة الأصابع ونبرة الصوت وفي قزحية العين ، ولا يوجد إنسان يتشابه مع غيره في هذه الأعضاء ، لا بين الجيل الذي يعيش معه الآن في زمانه ولا في الأجيال السابقة أو الأجيال اللاحقة
رابعـــأ
ميز الله الإنسان بالعقل وجعل له قيادة الجسم وبالعقل قدرات تجعله يدرك ويفهم ويحلل ويستنتج ويتذكر ويتخيل وغير ذلك من العمليات العقلية التي تمكن الانسان من الاستفادة من نعم الله في الكون وتجعله قادرأ علي حماية نفسه وقادرأ علي السيطرة علي الكائنات الأخري وتسخيرها لخدمته أو اتقاء شرها فالجسم بيت العقل وبالعقل استطاع الإنسان أن يصنع حضارة مع الزمن ولذلك فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يبدأ حياته من حيث إنتهي سابقوه ، مما مكنه من بناء حضارة تتوارثها الأجيال وهذا لا يمكن أن يحدث لدي الكائنات الأخري
ومع الجسم ومع العقل يتميز الغنسان بالجانب الروحي الذي جعله يتصل بالسماء ، فيؤمن بخالقه ، ويفعل الخير ويبتعد عن الشر ، ويجعل للإنسان ضميره الذي يضبط سلوكه ويلزمه قيم الحق والخير والجمال
ولقد تحقق للإنسان ذلك منذ بداية وجوده الأول ، فحيثما خلق الله الإنسان الأول " أدم عليه السلام " لم يخلقه جسدا من الطين فحسب وإنما كما يقول الله عز وجل " فنفخنا فيه من روحــنا " فالجسد الإنساني من صنع الله عز وجل ، كما أشرقت فيه أنوار اللله من خلال النفخة الإلهية في الإنسان ، تلك النفخة المباركة التي تتوارثها الأجيال والتي حولته من كائن طيني إلي إنسان متفرد متميز عن سائر الأحياء فسلك مسلكأ متميزأ عنها ، وظلت هي في مستواها الحيواني لا تتعداه ، ولذلك استحق أن يكون الإنسان خليفة الله في الأرض وسيدأ علي جميع الكائنات الأخري ومهيأ لأن تنزل عليه رسالات السماء
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف الأنبياء والمرسلين
0 التعليقات :
إرسال تعليق